مقالات الرأي

التفاهة تُقَوِّضُ روح التميّز في مختلف مجالات الحياة

الجهة تيفي ــ الشرقي لبريز

إن التافهين أصبحوا قدوة للأجيال القادمة حتى أصبح العالم مهددا بتأبيد سلطة التفاهة، وذلك لأنتشار ثقافة التفاهة مؤخرا كالنار في الهشيم، اذ اصبحت تسيطر على الحياة اليومية للبشر وتأخذ من جهد عقولهم الحيز الاكبر، إذ نجد اناس يتوهمون نفسهم انهم يؤثرون على الرأي العام، يقضون ساعات طوال على منصات التواصل الاجتماعي، في جدال ونقاش وخصام أحيانا حول أمور تافهة، ويقامون في سبيل ذلك حلقات نقاشية أمسيات وليالي طويلة.

لقد سيطرت التفاهة على العالم حتى أصبح الحديث عن الثقافة ضربا من العبث العقلي في العصر الراهن فالإنسان الحالي لا رغبة له في التأمل والتفكير ولا وقت له لذلك، فلقد حاصره التافهون من كل حدب وصوب بالمشاهد وحاصروه بالصور حتى أصبحت الصورة هي الوسيلة الوحيدة للتفكير وأصبحت الكتابة غريبة في العصر الراهن وغدت الكلمات مشردة تبحث لها عن مأوي بين الأنامل فلا تجد. فقد احتلت الصورة كل المواقع.

إن التفاهة ليست سُلوكا فرديا، بل نظاما جماعيا قدّر له أن يتأسس ليُعْليَ من شأن الرداءة ويقصي الجودة، في هذا السياق، يظهر أن المجتمع بات يُكافئ الامتثال للمعايير المتوسطة والمقبولة على حساب الإبداع والتفوّق. إذ أصبح السعي وراء التوافق مع هذا “النظام التافه” الهدف الأساس للعديد من الأفراد والمؤسسات، مما عزز استدامته وانتشاره.

ليست التفاهة -باعتبارها حالة اجتماعية- ظاهرة منعزلة، بل قد تكون انعكاسًا لأزمات أعمق في المجتمع مثل الفقر الثقافي أو التفاوت الاجتماعي أو حتى الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تدفع المرء إلى التركيز على الممارسات البسيطة والسطحية هربًا من تعقيدات الحياة.

لقد فتح نظام الرداءة والتفاهة الباب على مصرعيه لأفراد تافهون جاهلون، بأن يسوق لافكار جاهزة، إذ اصبح التافه النكرة ص رمزا وقدوة في المجتمع، بل صاحب الرأي السديد.

انه بانتشار التفاهة في المجتمع يتمّ تشويه المعايير والقيم التي تحكم السلوك الاجتماعي، مما يجعلها مقبولة أو حتى محبذة في بعض الأحيان. وبمرور الوقت، يمكن أن تصبح هذه الحالة الاجتماعية معيارًا عامًا يؤثر على كيفية تقييم الأفراد للأفكار والأفعال، مما يعزز من هيمنة التفاهة على الأنشطة اليومية والحياة الثقافية.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى