
الجهة تيفي ــ متابعة
يثير ترويج واسع النطاق لتطبيق التسوق “تيمو” (Temu) من قبل عدد كبير من المؤثرين الرقميين في المغرب خلال الأسابيع الأخيرة، تساؤلات حول مصداقية العروض التسويقية والتأثير المحتمل على المستهلكين. وتعتمد هذه الحملات الإعلانية المكثفة على وعود مغرية عبر منصات التواصل الاجتماعي، تتضمن عبارات من قبيل “اشتر 3 منتجات واربح 2000 درهم!” و”جرب مجانا!” و”منتوج بدرهم واحد!” و”احصل على هاتف مقابل خطوات بسيطة!”.
غير أن التحقيقات والتقارير تشير إلى أن هذه “الأرباح” المعلن عنها غالبًا ما تكون عبارة عن تخفيضات رمزية مشروطة، تختلف قيمتها تبعا للمشتريات، ولا ترقى في مجملها إلى نصف المبلغ الذي يتم الترويج له. ونتيجة لذلك، يجد آلاف المستخدمين أنفسهم أمام ما يمكن وصفه بـ “وهم رقمي” مُحكم التسويق، تعتمد أساليبه على جاذبية العروض وتأثير الوسطاء الذين قد لا يعيرون اهتمامًا كافيًا لمصداقية المنتج أو الخدمة بقدر اهتمامهم بحجم التفاعل والمشاهدات.
وقد صعد تطبيق “تيمو” بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة ليصبح من بين تطبيقات التسوق الأكثر انتشارا، إلا أن هذا الانتشار السريع يرافقه تدقيق متزايد في ممارساته التسويقية. فقد وصف مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) في تقرير صدر نهاية العام الماضي، التطبيق بأنه يجمع كميات هائلة من بيانات المستخدمين، مع إمكانية استغلالها من قبل جهات صينية رسمية في سياقات أمنية، مما يثير مخاوف أمنية عابرة للحدود.
وفي سياق متصل، كشف تقرير نشره موقع Medium عن أن التطبيق يطلب صلاحيات وصول واسعة إلى بيانات المستخدمين، بما في ذلك جهات الاتصال والصور والموقع الجغرافي، دون تقديم توضيح كافٍ حول الغرض من جمع هذه البيانات، وهو ما يثير قلقًا بشأن احترام الخصوصية الرقمية للمستخدمين.
وعلى الصعيد الدولي، فتحت هيئة المنافسة الكورية تحقيقا رسميا في ممارسات “تيمو” الإعلانية خلال النصف الأول من العام الماضي، مشيرة إلى وجود شبهات تتعلق بالإعلانات الزائفة والعروض المضللة. كما شرعت المفوضية الأوروبية في تحقيق قانوني ضد التطبيق بشأن بيعه لمنتجات غير قانونية وعدم امتثاله لقانون الخدمات الرقمية الجديد، خاصة فيما يتعلق بمراقبة البائعين، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “الغارديان”.
وفي الولايات المتحدة، أفادت صحيفة “نيويورك بوست” بفتح وزارة الأمن الداخلي تحقيقا في التطبيق للاشتباه في مخالفته لقانون حظر استيراد المنتجات المصنوعة عبر العمل القسري في إقليم شينجيانغ الصيني.
إلى جانب ذلك، كشفت اختبارات ميدانية أجرتها منظمة BEUC (الاتحاد الأوروبي لجمعيات المستهلكين) أن بعض المنتجات المباعة عبر “تيمو” تشكل خطرًا على صحة المستهلكين بسبب احتوائها على مواد غير آمنة أو غياب شهادات المطابقة.
وفي ظل هذه المعطيات، يبرز النقاش حول الحاجة الملحة إلى “تأطير المحتوى الإشهاري الرقمي” ووضع “مدونة سلوك للمؤثرين” تلزمهم بالشفافية والمصداقية في ترويج المنتجات والخدمات. كما يتعين تعزيز دور الهيئات الوطنية المعنية بحماية المستهلك ومجلس المنافسة والسلطات الوصية على المجال الرقمي لمراقبة هذه التطبيقات وحماية المواطنين من الوقوع ضحية للعروض الوهمية.
ويعكس نموذج “تيمو” التحديات المتزايدة التي يفرضها الاقتصاد الرقمي العابر للحدود، حيث تتداخل آليات التسويق القائمة على التأثير مع احتمالات التضليل، وتتلاقى المصالح التجارية مع مخاطر استغلال البيانات.