
الجهة تيفي ــ ياسين اليمن
أحال القسم القضائي بالمفوضية الجهوية للشرطة بمدينة تاركيست، أخيراً، محاضر البحث التمهيدي في قضية التسجيل الصوتي المنسوب إلى نور الدين مضيان، القيادي البارز في حزب الاستقلال، على وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتاركيست، التابعة للدائرة القضائية للحسيمة، وذلك على خلفية تسريب شريط صوتي يتضمن إساءات خطيرة في حق برلمانية سابقة (2016-2021) عن الحزب نفسه، وتشغل حالياً منصب نائبة رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة.
وأفادت مصادر مطلعة أن المحكمة حددت 25 يونيو الجاري موعداً لأول جلسة علنية لمحاكمة مضيان، الذي تراجع بشكل لافت عن الظهور السياسي منذ اندلاع الفضيحة، بعد تداول واسع للشريط الصوتي، الذي وردت فيه تصريحات ذات طابع شخصي تمس المشتكية وتلمح إلى علاقة مزعومة ربطته بها، ودعمه لها للوصول إلى مناصب سياسية.
وكيل الملك واجه المشتكى به بتهم ثقيلة تتعلق بـالسب والقذف في حق امرأة بسبب جنسها، التهديد، وبث ادعاءات كاذبة بقصد التشهير والإساءة إلى سمعتها الشخصية والاجتماعية. وقد أنكر مضيان خلال التحقيقات أن يكون التسجيل صادراً عنه، مؤكداً أن الصوت لا يعود إليه، وهو ما دفع دفاع المشتكية إلى المطالبة بإجراء خبرة صوتية تقنية بمختبر الدرك الملكي بالرباط.
غير أن النيابة العامة، التي كانت في البداية تميل إلى إجراء الخبرة، تراجعت عن القرار دون توضيح رسمي، رغم أن الملف ظل مفتوحاً لأكثر من سنة لدى الضابطة القضائية التي استمعت إلى ثلاثة شهود في القضية قبل إحالته على القضاء.
المشتكية أكدت أن تصريحات مضيان، سواء حقيقية أو مفبركة، تسببت في أذى بالغ لها ولأسرتها ومحيطها المهني والسياسي، معتبرة أن ما ورد في التسجيل يندرج ضمن محاولات الإساءة المتعمدة ومحاصرة النساء في العمل السياسي، خصوصاً في بيئات محافظة كمنطقة الريف.
وفي هذا السياق، دخلت جمعية تعنى بحقوق النساء على خط القضية، وقررت مؤازرة المشتكية وتبني ملفها، باعتباره قضية تمييز ضد المرأة في العمل الانتخابي، وطالبت بمتابعة صارمة للمتهم.
وأفاد مصدر مطلع لـ”الصباح” أن محاولات قادها عدد من قياديي حزب الاستقلال للصلح واحتواء الفضيحة باءت بالفشل، بعد أن رفضت المشتكية التنازل عن الشكاية، ما فُسِّر بتأخر النيابة العامة في إحالة الملف على القاضي المكلف بالجنح العادية.
ورغم توقعات عدد من المتتبعين بأن تتخذ النيابة العامة قراراً أكثر تشدداً نظراً لحساسية الملف وطبيعة الاتهامات، خصوصاً أن الضحية امرأة متزوجة في مجتمع ريفي محافظ، فقد قررت إحالته على قاضي الجنح العادية، وليس قاضي التلبس، في إشارة إلى اعتمادها المسار القضائي العادي دون إجراءات استثنائية.
ويبقى الرأي العام في ترقب شديد لما ستسفر عنه الجلسة الأولى لمحاكمة قيادي كان يُنظر إليه كأحد رموز الحزب في الشمال، في قضية تمس الخطوط الحمراء بين الحياة السياسية والخاصة، وتعيد النقاش حول العنف الرمزي واللفظي الممارس ضد النساء في الحقل السياسي.