سياسة

مطالب منظمة النساء الاتحاديات وقانون المالية لسنة 2025

الجهة تيفي ــ متابعات

تواصل الحركة النسائية المغربية، التي تعززت بقوة منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، الدفاع عن المكتسبات الحقوقية الأساسية، وفي مقدمتها دستور 2011 الذي يعزز مبدأي المساواة والمناصفة. هذا الإطار الدستوري ليس مجرد نص قانوني، بل يمثل التزامًا سياسيًا ومجتمعيًا واضحًا يستوجب أن ينعكس على كافة السياسات العمومية، خاصة في إعداد الميزانيات الوطنية.

إن منظمة النساء الاتحاديات تبرز بوضوح أن هذه المكتسبات لم تكن لتحقق لولا الإرادة السياسية العليا، التي تقاطعت مع نضالات النساء من أجل إنصاف فعلي ومستدام. ومع ذلك، فإن السياسات الحكومية ما زالت دون مستوى الطموحات، حيث بقيت عاجزة عن ترجمة الوعود إلى إجراءات ملموسة على الأرض، خصوصًا في المجالات التشريعية والتطبيقية.

ومع انطلاق النقاش حول مشروع قانون المالية لسنة 2025، تؤكد منظمة النساء الاتحاديات على ضرورة إدراج مقاربة النوع الاجتماعي في التخطيط المالي. هذا المطلب ليس مجرد دعوة حقوقية، بل التزام دستوري وقانوني، مستند إلى القانون التنظيمي للمالية، وأيضًا إلى الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي صادق عليها المغرب.

التقارير الرسمية، ومنها ما أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تُظهر أن الفجوة بين الجنسين ما زالت تتسع، إذ تصل إلى 17%، وتبرز بشكل أكثر وضوحًا في المناطق القروية. هذه الفجوة هي نتيجة مباشرة لعدم مراعاة النوع الاجتماعي في قوانين المالية المتعاقبة، مما يؤدي إلى تعميق التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية.

بعد دراسة مشروع قانون المالية لسنة 2025، تشير منظمة النساء الاتحاديات بقلق إلى غياب رؤية شمولية تستجيب للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها النساء في المغرب. فبالرغم من محاولات بعض القطاعات تبني مقاربة النوع الاجتماعي، تبقى هذه الجهود محدودة وغير مؤثرة. فماذا عن النساء اللواتي يتحملن أعباء مزدوجة دون دعم مالي أو اجتماعي مناسب؟ وماذا عن النساء المعيلات اللواتي لا تزال الضرائب تهمل واقعهن ومسؤولياتهن الأسرية؟

إن منظمة النساء الاتحاديات تطالب بميزانيات تستهدف بشكل مباشر تحسين حياة النساء، من خلال برامج تدعم تشغيل النساء، وتعليمهن، وضمان صحتهن وسكنهن اللائق. كذلك، تدعو إلى نظام ضريبي عادل يراعي أعباء النساء، ويعترف بالعمل المنزلي غير المؤدى عنه. هذا العمل غير المرئي الذي يشكل عماد استقرار الأسر، يجب أن يُحتسب ويُعوض.

إن الاستمرار في تهميش مقاربة النوع الاجتماعي في الميزانية العامة للدولة، أو استخدامها كشعار دون أرقام وإجراءات واضحة، يعد تناقضًا صارخًا مع الدستور وتوجهات الدولة المعلنة تجاه تعزيز حقوق المرأة. إن العدل والمساواة ليسا مجرد مطالب؛ هما شرط أساسي لتحقيق تنمية مستدامة، شاملة، ومنصفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى